ادارة الموقع :مكتب فرع مراكش ezziri8@gmail.com راسلونا على
   
 
  مقررات المؤتمر الوطني الثاني

جمعية التنمية للطفولة والشباب

مقررات المؤتمر الوطني الثاني

أيام 17ـ18ـ19 يونيو 2005

مركز الاستقبال البشير بالمحمدية

 

 

 

تحت شعار

 

التطوع أساس استمرار العمل الجمعوي الجاد والهادف

 

 

المقرر التوجيهي

تقديم عام:

        لا زال موضوع المقرر التوجيهي يحتل الصدارة في الوثائق الرسمية التي تصدرها جمعية التنمية للطفولة والشباب، وبمناسبة محطة تنظيمية إشعاعية بحجم المؤتمر الوطني. فإن هذا المقرر يحتل نفس الأهمية للعديد من الاعتبارات نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:

1.                الاعتبارات التنظيمية الداخلية وتتعلق بكون الجمعية، ومنذ 97 وإلى الآن لم تستكمل كل الشروط التي وضعها مؤسسوها بخصوص الانتشار التنظيمي الواسع داخل أوساط الشباب المغربي وعلى امتداد الخارطة الترابية للوطن، أي أن سؤال بناء التنظيم الجمعوي لازال مطروحا كمهمة أساسية ملحة على كل أعضاء جمعيتنا، وأن مسألة الوضوح على المستوى المرجعي، تبقى محورية في كل بناء، لأن ذلك الوضوح هو التعاقد المبدئي والأخلاقي الذي يجمع الجمعية بكل وافد جديد عليها من الشباب الراغب في المساهمة في تنظيم جمعوي جاد وهادف.

2.                أن المقرر التوجيهي هو الوثيقة الحاسمة في توفير الإطار النظري لكل برامج جمعيتنا، وفي كل مجالات الاشتغال التخصصية. وبالتالي فإن إقرار وثيقة توجيهية، يؤدي بالضرورة إلى حسم كل القضايا الخلافية التي قد تنشأ بشكل تلقائي وطبيعي حول مسار الجمعية وأجرأة أهدافها إلى برامج عمل يومية وطنيا ومحليا. إن غياب الحسم في القضايا الخلافية ذات الطبيعة المبدئية قد يؤدي في نهاية الأمر إلى خلافات ذات طبيعة تنظيمية وعلائقية ترهن سير الأجهزة، وتخلق التوتر وانعدام الثقة بين المنتمين للجمعية. وهي ظواهر نطمح جميعا إلى تجنبها بالمزيد من الوضوح في الرؤيا وبتجديد التعاقد حول أهداف واضحة ودقيقة.

3.                إن جمعية التنمية للطفولة والشباب، مع توالي الأيام، وارتفاع وثيرة أنشطتها واتساع مجالات تدخلها، تكتسب مواقع جديدة، وتنمي شبكة علاقاتها، وترسم بتضحيات أعضائها صورة داخل النسيج الجمعوي العام ببلادنا باختلاف أطيافه وألوانه، إن الجمعية مطالبة في سياق ذلك بأن تحافظ بصرامة على تميزها، كتنظيم جمعوي تقدمي، يربط الممارسة الجمعوية الشبابية بما يعتمل داخل المجتمع من صراع، وأن يعلن عبر وثائقه الرسمية اصطفافه إلى جانب الحركة التقدمية المغربية، وكل قوى العدالة والتقدم بصفة عامة، يساهم في حدود إمكانياته الذاتية في غرس قيم العدل والمساواة، يشارك بلا هوادة في مواجهة مظاهر الاستغلال والجشع، من أجل غد يضمن لجميع الفئات الحق في الكرامة والرقي الاجتماعي.

I ـ راهن العمل الجمعوي بالمغرب:

        عرفت الحركة الجمعوية عدة مراحل تاريخية قبل الوصول إلى الوضع الراهن، انطلاقا من الأشكال الجماعية التي كانت سائدة في مغرب ما قبل الحماية، والتي كانت أغلب القبائل المغربية تعتمدها لإدارة شؤونها اليومية، انطلاقا من اختيار زعمائها (أمغار) وصولا إلى التحكم في مصادر المياه والرعي وكذا قضايا الزواج... الخ، ثم مرحلة مغرب الحماية التي قامت بتكسير النسيج الاجتماعي، وإدخال قيم جديدة، من بينها الأشكال الحديثة في تأسيس وإدارة الجمعيات، التي ظلت في البداية حكرا على أبناء المستعمرين، قبل أن تتمكن الحركة الوطنية من استعمال هذه الوسيلة الفعالة في بث قيم الحرية والاستقلال مع منتصف الثلاثينات من ق 20 (بروز التنظيمات الكشفية)، وصولا إلى محطة الاستقلال السياسي، التي عرفت رعاية بعض رموز الجناح التقدمي من الحركة الوطنية وعلى رأسهم الشيهد المهدي بنبركة لمشاريع تنظيم الشباب في إطارات جمعوية متنوعة (جمعيات تربوية، ثقافية، أوراش، كشفية). ثم مرحلة الستينات التي تميزت ببداية نضج الصراع السياسي تأسيسا على مرجعيات فكرية واضحة، كان من نتائجه التجاء الطبقات الحاكمة إلى أسلوب القمع الدموي العنيف في مواجهة أوسع فئات الشعب المغربي وفي مقدمتها الشاب الذي عرفت إطاراته الجمعوية الحصار الخانق واعتقال المسؤولين الجمعويين، كما تميزت هذه الحقبة بالانتشار الكبير الذي عرفه الفكر التقدمي، وسط الشباب، منعكسا على برامج التنظيمات الجمعوية. وابتداء من حقبة السبعينات، عرف العمل الجمعوي عدة تغيرات، من أهمها التراجع الكبير في الإقبال عليه من طرف الشباب المغربي، كنتيجة طبيعية لمسلسلات القمع الذي أخذ عدة أشكال سواء كان قمعا ماديا مباشرا، أو قمعا فكريا تجسدت أبرز معالمه في العناصر التالية:

§                    إغراق الفضاء الشبيبي بالعديد من الإطارات "الجمعوية" المشبوهة التي سعت إلى تسميم الأجواء بنشر مسلكيات الميوعة والانحطاط، والترويج لقيم الانبطاح والاستسلام للواقع، مستعملة في ذلك إمكانيات مادية وبشرية لم تكن متوفرة للإطارات الجادة.

§                    التجاء الطبقات الحاكمة إلى دفع التيارات الظلامية للانخراط في إطارات جمعوية، سيما وراء مزيد من التضييق على الجمعيات الجادة، كحلقة أساسية من حلقات التضييق على الحركات التقدمية واليسارية آنذاك، وكإحدى أهم الوصفات التي تم إنتاجها داخل أجهزة الاستخبارات العالمية انطلاقا من عقد السبعينات من القرن 20.

§                    استكمال حلقات التضييق على الفعل الجمعوي الجاد، بالشق القانوني الذي انطلق بالمراجعة التراجعية لظهير الحريات العامة سنة 1973، ثم تحويل مسؤولية إحداث البنيات التحتية الشبابية إلى الجماعات المحلية مع ظهير الميثاق الجماعي لسنة 1973، بدلا عن الدولة، واضعة بذلك مصير فضاءات الشباب تحت رحمة الأهواء والنزوات الانتخابية، عوض التخطيط والدراسة الذي يفترض أن تنهض به أجهزة الدولة المختصة، وصولا إلى المذكرات التنظيمية التي سعت إلى ضرب مبدأ مجانية العمل الجمعوي (مذكرة 176 و177).

§                    التأثير الكبير الذي تركه قبول الدولة المغربية بمخطط التقويم الهيكلي ابتداء من مطلع عقد الثمانينات من القرن 20، بعد عقود من تبدير الثروات الاقتصادية للبلاد، وإغراقها بالديون الخارجية، لقد أدى هذا النهج الاقتصادي إلى تراجع الاعتمادات المخصصة للقطاعات الاجتماعية، وفي مقدمتها قطاع الشبيبة والرياضة التي أصبحت ميزانيتها السنوية ولمدة تفوق العقد والنصف لا تتجاوز (%0,06) من الميزانية العامة للدولة، وأيضا قطاع الثقافة... إلخ. إن هذه السياسات المالية التي أبانت عن فشلها الذريع، كانت لها نتائج وخيمة على نمو وتطور العمل الجمعوي الجاد، الذي وجد نفسه أمام تزايد أعداد الشباب والأطفال، عاجزا على تطوير ذاته، وتقديم البرامج الثقافية التي توازي طموحاته، وساد الجمود والتكرار، وافتقد المبادرة الجريئة.

§                    علاقة بالعنصر الاقتصادي دائما، فإن العمل الجمعوي، قد وجد نفسه منذ منتصف الثمانينات في مواجهة ظواهر اجتماعية جديدة، منها ظاهرة بطالة حملة الشواهد العليا، والانتشار الواسع للتعاطي للمخدرات، واستفحال ظاهرة الهجرة إلى الخارج. إن هذه الظواهر مجتمعة قد ساعدت في ابتعاد الشباب، وخصوصا الفئات المتنورة والمتعلمة منه عن الاهتمام بالشأن العمومي، وبالتالي الانخراط في التنظيمات الجمعوية الجادة. علما أن من بين تبعات هذه الظواهر الاجتماعية أيضا هو تنامي الأنانية والحلول الفردية، والرغبة في التسلق بالتملق... الخ.

        والآن، فإن خريطة العمل الجمعوي بالمغرب قد أصبحت مقسمة إلى أنواع وأشكال مختلفة:

        فمن حيث العدد، فإن عدد الجمعيات المسجلة بشكل قانوني يعطي المغرب مكانة متقدمة في محيطه العربي والإفريقي، ومن حيث الاختصاص أصبحت العديد من القضايا تحظى بإطارات جمعوية لم تكن في السابق. إلى أن هناك تصنيفا آخر نقترحه من حيث الجانب المرجعي والبرنامجي، وفق الشكل التالي:

§                    الجمعيات الوطنية التربوية التي ظهرت مع مطلع الاستقلال وخلال عقد الستينات من القرن 20، والتي تحملت في البداية مسؤولية العمل مع الشباب والطفولة وفق رؤية مرتبطة بالسياق التاريخي القائم آنذاك، المتسم بانتشار الفكر التقدمي واكتساحه للساحة الثقافية، وتعاظم النظر إلى دور الشباب في التغيير، بشكل يتجاوز أحيانا مقدراته كفئة عمرية غير متجانسة طبقيا، وبالتالي مفتقرة إلى مشروع مجتمعي. إن هذا النوع من الجمعيات يعيش الآن وضعية خاصة أساسها:

§                    افتقار الديمقراطية الداخلية، وتحول البعض من أجهزتها إلى مجالس عائلية أو قبلية رغم خطاب التقدمية والحداثة.

§                    صراع أجيال، بسبب هيمنة فئة عمرية من قادتها على الأجهزة العليا غير فاسحة المجال لكفاءات وطاقات شبابية واعدة.

§                    تحول أغلب أنشطتها إلى الموسمية (المخيمات الصيفية / التداريب الربيعية / المناسبات الخاصة) في ظل غياب العمل القاعدي أمام انحسار عدد الفروع وعدد منخرطيها.

§                    الهيمنة المطلقة والخانقة للقرار الحزبي على عمل وبرامج بعض الجمعيات، الأمر الذي يحولها في مناسبات عدة إلى مجرد أدوات الرعاية الانتخابية.

§                    التراجع التدريجي لمبدأ العمل التطوعي، كقيمة إنسانية راقية، آمنت بها كل التنظيمات الشبابية الجادة.

§                    الجمعيات الجهوية التي ظهرت مع مطلع عقد الثمانينات برعاية رسمية، وبإمكانات مالية لوجستيكية هائلة، ووضع على رأسها عدد من الرموز السياسية والفكرية للطبقات الحاكمة، والتي سعت إلى العمل وفق توجهات المؤسسات المالية الدولية في تغطية الوجه الاجتماعي البشع لمخطط التقويم الهيكلي، بواسطة حملات الختان وتوزيع الأدوية وتقديم بعض الخدمات الاجتماعية الرمزية (إعانات غذائية...). إن هذه الجمعيات التي مكنت من الحق في المنفعة العامة كإطار قانوني سمح لها بمراكمة المداخيل المالية، قد أصبحت الآن تعرف تراجعا، يبدو ومن خلاله أنها قد انتهت من تأدية دورها التضليلي والتمييعي والأمني، فاسحة المجال أمام أشكال أخرى من التنظيمات.

§                    الجمعيات التنموية التي أصبح دورها يتعاظم بشكل جعل ميزانيات البعض منها يفوق جماعات محلية بأكملها، مستفيدة من الدعم المالي الذي تقدمه العديد من المؤسسات المالية المحلية والدولية، وكذا بعض الهيئات الدولية والمنظمات الغير حكومية، هذه الجمعيات تأخذ طريقها إلى التحول إلى وكالات لتقديم بعض الخدمات التي يفترض أن تكون من صميم العمل الحكومي، تتميز هذه الجمعيات بغياب الرؤيا الإستراتيجية، وبافتقادها لمبدأ الجماهيرية على مستوى الانخراط وتحمل المسؤولية التنظيمية، وغياب روح التطوع، محولة بذلك العمل الجمعوي إلى سلعة وهي في هذا الصدد لا تعتبر إلا أداة من أدوات تنفيذ العولمة القائم على التبضيع ومسح الهوية وسيادة سلطة المال. ومن الطبيعي أن تكون نخبوية ومتناغمة مع التوجهات الرسمية للطبقات الحاكمة.

§                    فضاءات الاشتغال:

        إن الإشارة إلى موقع الشباب في ميزانية الدولة، هو دليل قاطع على مستوى التردي الذي تعرفه فضاءات الاشتغال الموضوعة رهن إشارة العمل الجمعوي.

        فمن حيث العدد: نلاحظ أنه في الوقت الذي لازال الشباب المغربي يشكل نسبة أساسية من عموم المجتمع المغربي، فإن عدد الفضاءات لا يوازي هذا المعطى الإحصائي (352 دار الشباب مثلا).

        ومن حيث وضعية هذه الفضاءات، فإن أغلبها يفتقد إلى التجهيزات الأساسية المساعدة على إنجاح مهام العمل الجمعوي.

        ومن حيث التنوع فإن الدولة لا تقدم خيارات متعددة بخصوص الفضاءات، بحيث ظلت دور الشباب، هي الفضاء الوحيد الممكن العمل من داخله، ولممارسة كل أنواع الأنشطة الممكنة، في الوقت الذي يفترض أن توفر فضاءات أخرى من قبيل:

§                    فضاءات للرياضة الجماهرية.

§                    فضاءات فنية عمومية: سينما، مسرح، فنون تشكيلية.

II ـ جمعية التنمية للطفولة والشباب: المبادئ:

        في سياق القراءة النقدية لواقع العمل الجمعوي بالمغرب بكافة أطيافه، فإن جمعية التنمية للطفولة والشباب، ومن أجل تقديم ممارسة جمعوية نقيضة لما هو قائم، تلتزم بالمبادئ الخمسة التالية:

1.                الاستقلالية: ونقصد بذلك أربعة عناصر متداخلة:

        أ ـ الاستقلال التنظيمي والبرنامجي عن أي هيئة سياسة أو دينية.

        ب ـ الاستقلال التام عن أجهزة الدولة بكل أنواعها: توجيها وبرنامجا وتنظيما.

        ج ـ حق أعضاء الجمعية في ممارسة حقهم الدستوري في الانتماء السياسي.

        د ـ الاستقلالية لا تعني الحياد في الصراع الاجتماعي، بل هي جزء منه تساهم فيه وفق إمكانياتها ودورها الطبيعي.

 

2.                الديمقراطية: ونقصد بذلك العناصر الأساسية:

§                    سيادة مبدأ الديمقراطية الداخلية بكفالة الحق في إبداء الرأي والترشيح للأجهزة، وأساليب اتخاذ القرار وفق ما هو منصوص عليه في القوانين والوثائق الرسمية للجمعية.

§                    الحفاظ على التوازن القائم بين التمتع بالحقوق وآداء الواجبات

§                    اصطفاف جمعية التنمية للطفولة والشباب إلى جانب كل القوى المطالبة بالديمقراطية الشاملة داخل المجتمع، سياسيا واقتصاديا، اجتماعيا، وثقافيا.

3.                الجماهيرية:

        مبدأ يفرض نفسه تبعا لطبيعة الإطار الجمعوي كإطار مفتوح في وجه الشباب المغربي، دون تمييز سياسي أو فكري أو عرقي، أو طبقي، شريطة الالتزام بمبادئ وأهداف الجمعية، والعمل على احترام قنواتها التنظيمية. وبذلك يشكل هذا المبدأ نقيضا للنخبوية ويصبح الإطار مفتوحا للمنتمين إيديولوجيا وسياسيا ولغير المنتمين، بل للتيارات المختلفة شريطة احترام ضوابط الجمعية وأهدافها العامة، لأن ذلك يعطي زخما ايجابيا للإطار الجمعوي ويوسع من نفوذه ليجد أوسع قاعدة اجتماعية لممارسة صراعه ضد الايدولوجيا السائدة.

4.                التقدمية:

        ارتباطا مع مبدأ الجماهيرية، فإن التقدمية لا يمكن أن تكون إلا عامة، تخدم النضال العام وليست برنامجا سياسيا أو خطأ إيديولوجيا معينا، بل هي توجه مجرى التاريخ بشكل متوازي مع الحركة التقدمية بكل أدواتها، مع الالتزام بطبيعة الإطار ومبادئه الخمسة، تجنبا للابتذال واستنساخ المواقف السياسية.

5.                التطوعية:

        هي المشاركة التلقائية في العمل الجمعوي بعيدا عن الرغبة في تحقيق الربح المادي، أو ضرب استقلالية الجمعية. مع الإشارة إلى أن التطوع هو أساس المهام والبرامج المتنوعة بما في ذلك الأنشطة القائمة على عنصر الشراكة والتي تقتضي ببعض التعويض أو ذات الطبيعة المادية الصرفة (بعض أنواع الأنشطة التنموية).

III ـ أهداف جمعية التنمية للطفولة والشباب:

        تسعى جمعية التنمية للطفولة والشباب بكل الوسائل التنظيمية والبشرية والفكرية إلى تحقيق الأهداف التالية:

1.                كشف كل مظاهر الاستلاب والقمع الفكري، ومظاهر ومتجليات السياسات الثقافية المعتمدة، بفضح أهدافها العدوانية والاستغلالية، وأدواتها الأساسية في المجال الفني والتربوي والإعلامي، والمعرفي، وبتحديد منطلقاتها النظرية وغاياتها، وطبيعة الطبقات الاجتماعية التي تنتجها، وعن حجم الدمار الذي تخلقه على مستوى العلاقات الإنسانية.

2.                التصدي لكل محاولات تعليب الممارسة الجمعوية، وتحويلها إلى سلعة خاضعة لمنطق الرأسمال. كحلقة من حلقات الهجوم الذي تقوده قوى الاستغلال على دور الثقافة والمعرفة وارتباطها بعنصر التغيير الاجتماعي.

3.                المساهمة في نشر قيم ثقافية ترفض العودة إلى الفكر الخرافي الماضوي، أو ثقافة الاستلاب والتبعية.

4.                تنمية قيم نقدية لكل المظاهر الثقافية السائدة (المدرسة ـ الإعلام ـ العادات ـ العلاقات).

5.                التعريف بالمبادئ والقيم الإنسانية التقدمية.

6.                وبصفة عامة نشر ثقافة الديمقراطية وحقوق الإنسان و المساهمة في التنمية التربوية والثقافية والاجتماعية، بالإضافة إلى جعل الجمعية مجالا حرا لتدارس القضايا التربوية والثقافية والتنموية للطفولة والشباب.

IV ـ مجالات عمل الجمعية:

1.                الفئات المستهدفة:

        عموما تسعى جمعية التنمية إلى العمل مع عموم الطفولة والشبيبة المغربيتين، وذلك بالتأطير والتنظيم، وفتح الفرص للانخراط في حركية التغيير الاجتماعي أمام أكبر عدد ممكن من الشباب.

        وعلى المستوى الخاص، فإن الجمعية تولي اهتماما أكبر للعناصر عرضة للإقصاء الاجتماعي والمحرومة من حقها في ممارسة ثقافية وتربوية، والغير متوفرة على فرص التربية والتكوين على قدم المساواة مع الفئات الميسورة.

        على مستوى الأطفال، فبالإضافة إلى العمل مع الأطفال الأسوياء عن طريقة تنظيم أوقات فراغهم بما يفيد نموهم النفسي والتربوي، ويساهم في نجاحهم الدراسي، وفي تنشئتهم وفق قيم ثقافية تنسجم ورؤيتنا للثقافة السائدة وقناعتنا بضرورة هدم مرتكزاتها الأساسية، والمساهمة وفق إمكانياتنا في تشييد صرح ثقافي نقيض.

        إضافة إلى ذلك فإن الجمعية تطمح إلى العمل مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة: الإعاقات الذهنية والجسدية، الأطفال في أوضاع صعبة (ضحايا الأوضاع العائلية الممزقة، أطفال الشوارع، المتخلى عنهم) والأطفال في نزاع مع القانون. إن من حق هذه الفئات من الطفولة على جمعيتنا وعلى الفاعلين الجمعويين التفكير في تقديم برامج وأنشطة تراعي خصوصياتهم النفسية والتربوية والاجتماعية، من أجل حقهم على قدم المساواة، في التمدرس والتكوين والترفيه.

        وعلى مستوى الشباب أيضا فإن الجمعية تعمل على فتح الفرص أمام الشباب الأكثر عرضة للإقصاء والتهميش، الشباب ضحايا السياسات الاقتصادية المتبعة، ضحايا فشل المدرسة والجامعة في ضمان تكوين مندمج يوفر السبل للعيش الكريم، ويوفر الحصانة الفكرية التي تمكن من الانخراط في حركية المجتمع.

2.                مجالات العمل الرئيسية:

        أ ـ العمل الثقافي والتربوي:

        لاشك أن طرح العمل التربوي والثقافي كأولوية في العمل الجمعوي في المغرب مسألة لازالت ملحة، نظرا لكون فئة الأطفال واليافعين والشباب، تشكل الجزء الأكبر من ساكنة بلادنا، وتصبح هذه الأولية أكبر عندما نقوم بإطلالة سريعة على مختلف مؤسسات التنشئة الاجتماعية، التي لا تعمل سوى على تخريج أفواج من الشباب المنحرف والمشرد والأمي، وفي أحسن الأحوال، شباب تائه لا يعي حقوقه ولا مسؤولياته وواجباته. وإذا كان لأول وهلة يبدو أن الجمعيات التربوية هي السائدة في الخريطة الجمعوية الوطنية، فإن استقراء متأنيا يوصلنا إلى نتيجة فاقعة وهي أن الجمعيات لازالت دون القدرة الكافية على تأطير أغلب الأطفال والشباب؛ بالإضافة إلى أنها لم تعمل على تطوير تجاربها وبالتالي لم تحقق التراكم النوعي المطلوب، وبقيت حبيسة طرق اشتغال وتقنيات تنشيط تقليدية وعتيقة غير مجدية تماما للنهوض بالطفولة المغربية.

        ب ـ العمل الاجتماعي التنموي:

        إن ما يمكن أن يقال على الجمعيات العاملة في هذا الميدان هو افتقارها لأطر مكونة تكوينا جيدا، وغياب ثقافي واضح يؤطر ممارستها وكذا استغلالها للمصالح الشخصية لتوفرها على علاقات دولية، وحصولها على دعم خارجي لبعض أنشطتها. لذا أصبح من الواجب ممارسة بديل في هذا المجال مع الاستفادة مما يتيحه مجال العمل الاجتماعي من إمكانيات هائلة لتأطير الشباب والانفتاح على أوسع فئات المواطنين والاحتكاك بهم في الشارع والأحياء باعتماد عدة وسائط، كالورش، محاربة الأمية، الاهتمام بالمعاق، حماية البيئة ومختلف حملات التوعية والتحسيس في مواضيع مختلفة. وإضافة إلى ما يتيحه من مزايا على المستوى الوطني: فالعمل الاجتماعي والتنموي يفتح للجمعية علاقات دولية مهمة للاستفادة من خبرات وتجارب لجمعيات تنتمي لمختلف الاتحادات الجهوية والدولية بما يضمن أهداف ومبادئ الجمعية في هذا المجال.

        إن التنمية بالنسبة لنا، لا يمكن أن تكون إلا تنمية الملكات الإبداعية لطفل ويافع وشاب الجمعية، بصقلها وفسح المجال أمامها. مع إمداد الشباب بالأدوات النقدية لفهم واقعهم الاجتماعي والتناقضات التي تعتمل داخله.

3.                خلاصات عامة:

        إن هذا المقرر يعتبر مرشدا للجمعية ومرجعا لفروعها، يتم الرجوع إليه كلما دعت الضرورة إلى ذلك. وتعتبر ملاحقه المفصلة في الأندية ومجالات اشتغالها كلا لا يتجزأ ومكملة له.

        إن السمات العام للعمل الجمعوي بالمغرب تعتبر حافزا إضافيا للخلق والإبداع وفق مبادئ الجمعية الخمس (الجماهيرية ـ التقدمية ـ الاستقلالية ـ الديمقراطية ـ التطوعية) وأهدافها الثابتة. وتعتبر الجمعية نفسها ضمن الحركة الجمعوية التقدمية بالمغرب غير قادرة وحدها على تحقيق أهدافها مما يجعل التنسيق مع جمعيات أخرى على أهداف مشتركة دون التفريط في ثوابتها الأساسية أمرا موضوعيا يفرضه الواقع من أجل نشر الفكر المتنور ومجابهة إيديولوجية القوى المهيمنة من أجل تحرر الفرد والمجتمع، ونشر القيم الإنسانية وتشجيع الإبداع الأدبي والفني بعيدا عن القمع والإيديولوجي لإشراك الجماهير في حركية المجتمع نحو التقدم المنشود.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 المقرر التربوي

I - مدخل عام

        لقد ضلت جمعية ت.ط.ش منذ تأسيسها تعمل على تجسيد خياراتها وتوجهاتها للدفاع عن الحق في الوجود وشرعية العطاء اعتمادا على العمل التطوعي... تربويا ثقافيا وتنمويا والتعاطي مع العديد من القضايا التي حملت في طياتها أبعادا ثقافية / سياسية / جمعوية. وهو ما مكن الجمعية من التواجد في العديد من اللجن والإطارات التنسيقية مساهمة بذلك إلى جانب القوى الوطنية والديمقراطية جمعوية وحزبية ونقابية في التأسيس لمجتمع الحرية والعدالة والديمقراطية. إلا أن أكبر التحديات التي دخلتها ج.ط.ش تتجسد في سعيها اقتحام وتفعيل مختلف مؤسسات العمل التربوي. وذلك لأن المسألة التربوية تشكل إحدى المجالات الأساسية في اشتغالها وأولوية من أولويات العمل في ج.ط.ش لأنها ترتبط بشكل وطيد بهوية الجمعية وبفكرها وممارستها على مستوى المركز والفروع. إن المكانة والاهتمام الذي توليه الجمعية للعمل التربوي يدفعنا إلى مقاربة الأفكار والمبادئ والأهداف التي قام عليها العمل منذ المؤتمر التأسيسي، أو قبل ذلك في اتجاه صياغة مشروع تربوي هادف يمكن من تطوير الفكر جمعويا على مستوى المفهوم / الخطاب، وعلى مستوى الفعل / الممارسة. إن الهم التربوي الذي يحركنا، يجعلنا رغم ضعف الإمكانيات المادية والتأطرية نعمل على تأسيس فعل تربوي، نسعى به ومن خلاله أيضا إلى المساهمة العملية في تطوير وتكريس العمل الجمعوي وتمكينه من إنجاز أحسن لدوره كمكون من مكونات التنشئة الاجتماعية. في هذا الإطار تعمل العديد من الجمعيات التربوية التي جعلت من الأشغال مع الطفل اليافع والشاب. ولأجلهم شأنا مركزيا في اهتماماتها، محاولة المساهمة في تغيير الواقع المتدهور للطفولة المغربية والعمل على تمكين الطفل المغربي من تربية سليمة يتمتع فيها بكامل حقوقه المشروعة إلا أنه وبفعل عوامل متعددة يتداخل فيها الذاتي والموضوعي لتحول دون تمكن الجمعيات التربوية الجادة من تنفيذ المهام وتحقيق الغايات المأمولة من وجودها واشتغالها، لازمت ولا تزال كل عمل جمعوي جاد ومن بينها:

 

        ـ الحصار المالي الممنهج.

        ـ المنع والتضييق على الحريات في تأسيس الجمعيات كما تبين من خلال مضمون الفصل الخامس من القانون رقم 75-00. الخاص بتنظيم حق تأسيس الجمعيات والمطالبة بعض الوثائق الإدارية (السجل العدل...).

        ـ المنع والتضييق على الحريات في تنظيم الأنشطة وفي مختلف أوجه وأشكال النضال من أجل الحقوق المشروعة للطفل المغربي.

        ـ البنية التحتية المتدهورة لمؤسسات العمل الجمعوي التربوي (دور الشباب / المخيمات. نوادي الطفولة...).

- النقص الحاصل في الموارد البشرية ( عدة دور شباب مغلقة... وعدة مدن صغرى بدون دور شباب)

         ـ النقص الحاصل في الأطر التربوية بدور الشباب. هذا علاوة بروز العديد من السمات التي تحكمت في النظر إلى العمل الجمعوي كمجرد ملء للفراغ أو عدم الجدوى منه وذلك بفعل سيطرة القيم الاستهلاكية والنفعية المسيجة لذهنية الطفل المغربي والتي تكرسها وسائل الإعلام الرسمية والمشروع التعليمي السائد وضعف مجال أدب الطفل والفنون المرتبطة بمواهبه واهتماماتها. إضافة إلى غياب متخصصين في مجال التربية وعلم النفس في العمل الجمعوي فمعظم المشتغلين مع الطفل هم تلاميذ أو طلبة أو مدرسين ينضاف إلى ذلك الحصار الزماني المضروب على العمل الجمعوي بحيث لم يبق للطفل إلا صبيحة يوم الأحد للاستفادة من النشاط التربوي وأصبحت دور الشباب بفعل انحصار المكان/ الفضاء الرئيسي للعمل والنشاط الجمعوي التربوي. وتظهر صعوبة مزاولة هذا الأخير إذا ما قمنا بوصف للواقع المتردي لهذه الدور نفسها. والتي لم تعد قادرة على احتضان الأنشطة التربوية وتطويرها في اتجاه خدمة الطفل المغربي.

جمعية التنمية للطفولة والشباب والنشاط التربوي

في المفهوم

        النشاط التربوي: تشكل الأنشطة التربوية الأساس الذي تراهن عليه جمعية التنمية في عملها الجمعوي التربوي.

        النشاط التربوي بالنسبة إلينا هو: كل نشاط له تأثير على مردودية الطفل واليافع والشاب آنيا ومستقبلا سواء على سلوكياته أو تصرفاته أو مداركه أو نموه أو توازنه أو فعله وتفاعله داخل المجتمع أو على اهتماماته وانشغالاته.

        التربية: أما التربية فتعني عندنا عملية تنمية لقدرات الطفل وملكاته من جهة، ومن جهة أخرى هي عملية توحيد وترشيد من خلال الفعل الممارس والموقف المتخذ. إن التربية في نظرنا لا يمكن أن تكون عملية ترويض وتدجين. كما أنها لا تقتصر على التلقين وحده ولا على التعليم وحده ولا على التدريب وحده ولا على التعويد وحده. إنما كل هذه العناصر تتداخل فيما بينها لتشكل العملية التربوية التي تهدف إلى توفير الشروط الملائمة للتنشئة الاجتماعية وللنمو الجسدي والذهني والمعرفي والعاطفي. إن التربية في نظرنا أهداف وغايات من جانب، ووسائل وإمكانيات لتحقيق تلك الأهداف والغايات من جانب آخر. وتتعدد وتتنوع الوسائل والأشكال في عملنا كالنشاط التربوي بدور الشباب والخرجات والرحلات وغيرها من مجالات التنشيط التي نصفها بالتربوية والتي كان لزاما علينا الانطلاق في توضيحها أن نحدد تعريفا للتربية، هذا التحديد الذي رسمنا في ما سبق هو الذي سيلازمنا في تناولنا اللاحق لمختلف مجالات عملنا التربوي.

ملحق اليافع

        لقد أصبح عدد اليافعين بالجمعية في تزايد مستمر، خصوصا بعد أن قضى بعض الأطفال ما يزيد على سبع سنوات (أي منذ تأسيس الجمعية) لذا يجب أن يحظى التعامل مع اليافع باهتمامنا نظرا لما لهذا التعامل من تأثير مباشر في تكوين شخصيته ونمو مداركه، وأنه يتوجب علينا فهم شخصيته لأن نشاط اليافعين يتطلب منا عدم الخلط والتداخل في الأنشطة المقدمة للطفل والشاب لذا وجب على أطر الجمعية التفكير في:

        ـ تصور واضح للتعامل مع هذه الفئة من المنخرطين المستفيدين.

        ـ خلق برامج خاصة بها.

        ـ إعطاء الأولوية للأندية التي من الممكن أن تحفزهم للاشتغال داخل الجمعية.

        ـ تقوية الصلة بيننا كمؤطرين وبين هذه الفئة وذلك بتنظيم ملتقيات خاصة بها حتى نتمكن من فهم تصوراتها ونفسيتها والوقوف على متطالباته وحاجياته.

        ـ يجب التفكير في تكوين الأطر الكفأة في التعامل مع اليافع.

        - فتح نقاشات داخل أجهزة الجمعية لأن السمة التي تميز هؤلاء اليافعين هو ظهور نوع من النقاشات التي أصبحت أمرا واقعا يجب التفكير في إيجاد حلول لها.

        القيام بتجارب داخل بعض الفروع بإشراك باحثين ومختصين في مجال التربية وعلم النفس على أن تعمم هذه التجارب على باقي الفروع. لأن الهدف الأول من كل هذا هو ضمان استمرارية نشاط اليافع داخل الجمعية لأنه هو أمل ADEJ في أخذ مشعل وضمان استمرارية التأطير وذلك بتكوينه في جميع المستويات ومساعدته لاتخاذ القرارات كي يلعب دوره الطلائعي والتاريخي في خدمة المجتمع...

في مجالات العمل التربوي:

        في المشهد التربوي، تتعدد وتتنوع مجالات العمل التي تجد أولوية لها ضمن اهتمامات الجمعية تتجلى فيما يلي:

        الأنشطة التربوية بدور الشباب: يقف المشروع التربوي وراء الاختلاف الظاهر بين الفروع في جمعياتنا على مستوى مفهوم النشاط ومضامينه في الزمان والمكان المخصص له وفي الإشراف عليه واللوازم المحددة له. وفي تقييمه وتقويمه وفي حجمه وموقعه ضمن الأنشطة المزاولة الأخرى. وفي الأهداف الموجودة من وضعه في البرنامج. ولعل جردا بسيطا لمختلف محاور الأنشطة المزاولة على مستوى دور الشباب والفضاءات القريبة منها وتحليل لكيفية تقديمها ومدى تجاوب الأطفال الصغار والكبار (اليافعين) معها وما يرصد لها من إمكانيات قليلة كانت أو كثيرة، لعل ذلك، كفيل بأن يوضح لنا سلسلة من النواقص والصعوبات تجد أسبابها فيما هو موضوعي أو ذاتي أو مالي، في الفضاء زمانا ومكانا من هنا تطرح علينا كجمعية ـ تجعل من الطفل مادة لعملها ـ العمل علي تحديد مكامن الخلل والضعف وبالتالي طرح البدائل والحلول اللازمة والمطلوبة.

الإشكال المطروح بالنسبة لدور الشباب

·                    نقص الأطر الإدارية والتربوية

·                    ضعف البنيات التحتية

·                    النقص الكبير في التجهيزات

·                    الاكتظاظ

·                    موقع مجلس الدار داخل دور الشباب

·                    التعامل الإداري بين الجمعية وإدارة دور الشباب

·                    نقص الأطر الإدارية والتربوية بدور الشباب

البدائل

·                    العمل على إيجاد صيغ جديدة للتعامل مع إدارة دور الشباب على مستوى التنظيمي والتشريعي.

·                    العمل على حث الدولة والمجالس الجماعية على صيانة دور الشباب وتجهيزها.

·                    ولوج مؤسسات العمل: التعليم الأساسي الإعدادي والتأهيلي.

·                    الحدائق العمومية الأحياء السكنية.

التكوينات:

        إن تكوين أطر تربوية متمرسة وقادرة على تحمل مسؤولية التسيير والتنشيط التربوي سيظل هدفا دائما وملازما لعملنا التربوي ولن يأتي ذلك إلا باستيعاب مبادئ ومواقف جمعيتنا من جهة وبالفعل والتفاعل مع العملية التربوية في مستواها الفكري والعملي من جهة أخرى. وإذا كانت الجمعية لا تخلو من أطر قادرة على التسيير والتنشيط التربوي في مختلف مجالات الفعل التربوي فإن واقع التكوين في جمعياتنا لا يخلو كذلك من عناصر النقص والقصور وهو ما يفسره عدم تواجد النادي التربوي ببعض الفروع وانحصار النشاط التربوي في فروع دون أخرى. إن التكوين المستمر سيظل حاجة ملحة متجددة تبعا لتطور عملنا التربوي سواء مع الأطفال أو مع اليافعين، وتبعا للتطور الذي يلازم التنشيط التربوي كمجال للحركة الدائمة وللنمو المستمر بفعل التطور العلمي والتكنولوجي والاتصالاتي... وهذا كله يفرض علينا أن نوجه اهتماماتنا في عملية التكوين اتجاه خلق أطر قادرة على:

        أولا: تلبية حاجيات الأطفال في مجالات التسيير والتنشيط التربوي.

        ثانيا: البحث من أجل:

+ خلق تراكم نظري ومعرفي تربوي،

+ تطوير أساليب عمل الجمعية.

        إن العديد من الجمعيات الوطنية لازالت تثير مشكل التكوين مع أنها تتمتع بالتداريب الوزارية وغيرها. فكيف والحال أن جمعيتنا تكاد تكون محرومة من هذه التداريب. إن قناعتنا بضرورة التكوين لأعضائنا والتكوين المستمر لأطرنا تفرض علينا من جهة تمكين أكبر عدد ممكن من الأعضاء من الاستفادة من تداريب وزارة الشبيبة والرياضة، ومن جهة أخرى عدم اعتبار عملية التكوين مسؤولية مركزية فقط بقدر ما يجب توسيعها أكثر لتكوين مسؤولية فرعية وجهوية كذلك ووطنية متكاملة ومنسجمة تعمل على تكوين الأعضاء الجدد وتدعم وتكرس التكوين لدى باقي الأطر. وعليه وإلى جانب التكوين الذاتي للأعضاء الذي يبقى مسؤولية قريبة في جزء كبير منه فإن المطروح على جمعيتنا العمل على اعتماد التكاوين التالية:

·                    تكوينات وتداريب الوزارة الوصية.

·                    التكوينات المختلفة المنظمة من طرف جمعيات ومنظمات لا تتعارض مع مبادئ وثوابت جمعيتنا.

·                    تكوين وطني مركزي سنوي للأطر العاملة مع الطفل.

·                    تكوين وطني مركزي سنوي للأطر العاملة مع اليافع.

·                    تكوينات جهوية من تنظيم لجن التنسيق الجهوي.

·                    تكوينات محلية من تنظيم الفروع

o                   على مستوى الفروع:

·                    تكثيف الأنشطة التربوية

·                    تنظيم ندوات ولقاءات في مجال الأنشطة التربوية والثقافية.

·                    تبادل الخبرات بين الفروع المتقاربة جغرافيا.

·                    الاستفادة من خبرات الفاعلين التربويين محليا.

·                    تبادل الخبرات في مجال التكوينات والأنشطة التربوية مع الجمعيات التي نتلقي معها في نفس الأهداف.

o                   على مستوى الأجهزة الوطنية

        إصدار نشرة تكوينية مختصة في المجال التربوي

        الاهتمام بالتكوينات المخصصة، هذا لن يأتي دون المرور من التكوينات الأولية.

        إن هذه التكوينات لن تكون ذات معنى إذا لم تستحضر الضوابط التالية.

        + احترام التدرج والترتيب في العملية التكوينية لكل إطار من المحلي إلى الجهوي إلى الوطني.

        + الإعداد القبلي فرعيا للأطر المؤهلة للتكوينات.

        + تبني تداريب الوزارة الوصية والعمل على تغييرها والرقي بها نحو الأفضل.

        + اعتماد برنامج التكوينات المسطر ضمن هذا المقرر التربوي والتشبع بروحه ومحتواه.

        + الاهتمام بالتكوينات المتخصصة في مختلف مجالات العمل التربوي.

        + إحداث خزانة للكتب والتوثيق التربوي وطنيا وفرعيا بالتكوين الذاتي للأعضاء

        + إصدار نشرة إعلامية / تكوينية مختصة بالمجال التربوي.

        إن مسألة تكوين الأطر ستبقى تحديا من تحديات المرحلة القادمة فهي حاجة ملحة وضرورية. ذلك أننا لا نملك في الوقت الحالي سوى الطاقة البشرية التي تشكل العمود الفقري لعملنا التربوي، من هنا تأتي ضرورة خلق مدرسة لتكوين الأطر مهمتها، التكوين والتكوين المستمر لأطرنا وهدفها خلق أطر متمرسة ومؤهلة، ولها قدرة على تطوير التجربة التربوية وبلورتها، والعمل بجدية على تصريف توجهات الجمعية إلى مختلف مستويات تواجدها ومحاولة تجديد وابتكار أساليب وطرق أحسن في عملنا التربوي.

        فالمحددات والضوابط النظرية والفكرية تظل ضرورة لازمة وملازمة للتدريب والتكوينات التي تكون في جوانب أخرى تتعلق بتقنيات النشاط التربوي والعمل الثقافي والتواصل والبرمجة والتخطيط ودينامية الجماعة إلى غير ذلك من اهتمامات جمعية التنمية للطفولة والشباب.

 

ملحق المخيمات التربوية

تقديم ـ قراءة في واقع التخييم

        يأتي تحقيق مطلب التخييم لجمعياتنا بناء على حق الطفل الذي يعتبر المادة المحورية في عمل جمعيتنا التربوي، ولكونه كذلك ـ أي التخييم ـ واجهة إشعاعية وركيزة أساسية لتواجدنا في الساحة الجمعوية التربوية بالمغرب.

        إلا أن وضعية التدهور التي تعيشها المخيمات سواء على مستوى التجهيزات وقدرات الاستيعاب أو على مستوى الإمكانيات المالية الضعيفة والتي أصبح يقر بها. وإذا كان الأمر واقعا أو مجرد تحصيل حاصل فلا بد من القول بأن مشاكل المخيمات بصفة عامة ما هو ذاتي يرتبط بضعف التكوين التربوي نظرا لمحدودية التداريب الوزارية على علاتها. ومحدودية الإمكانيات النظرية والتقنية والمالية للتكوينات الموازية المنظمة من طرف الفاعلين الجمعويين وهو ما يؤدي إلى التشتت والارتجالية في الممارسة والتطبيق التربويين.

        ومنها ما هو موضوعي: يتعلق بوضعية المخيمات والمحاولات المستمرة للوزارة من أجل التخلي عن مسؤوليتها في هذا القطاع وتهميشه وإفقاره والتعامل معه من منطق اعتباره قطاعا غير منتج وهو ما يتجلى في الحمولة المحدودة لهذه المخيمات والقاعدة المخصصة لها. وكذا في التجهيزات المتقادمة والمحدودة وفي حجم المنحة الهزيلة المخصصة للتغذية.

        ولمعالجة هذه الوضعية المتدهورة للمخيمات قدمت العديد من الأفكار والمقترحات. فهناك من يقترح خوصصة المخيمات لصالح الجمعيات أو صياغة برنامج تعاقدي تسلم بموجبه المخيمات للفاعلين في الحقل التربوي. وهناك من يرى ضرورة الإصلاح وهناك من يرى إعطاء الأهمية لتوسيع الشبكة الحالية وإنشاء مخيمات جديدة... الوضعية هنا تطرح على مؤتمرنا أن يحدد الصيغ الملائمة والكفيلة بتجاوز الواقع المتأزم للمخيمات وتطويرها.

        إن التخييم بالنسبة لجمعية التنمية للطفولة والشباب واجهة من واجهات النضال التربوي باعتباره حقا من الحقوق المشروعة للطفل من جهة، ومن جهة أخرى باعتباره حاجة ملحة. ومؤسسة مجتمعية يفترض فيها أن تكون فضاء للممارسة التربوية المسؤولة والمبنية على تكامل الشروط الإدارية والصحية والغذائية والطبيعية والمادية والاجتماعية إلخ... إذن المخيم فضاء للفعل والتفاعل وأرضية خصبة لتحسين وتطوير الأداء التربوي للجمعية فهو من جهة مجال لاستفادة الطفل واليافع كما أنه من جهة أخرى فرصة للممارسة المباشرة تمكن الإطار التربوي من الاحتكاك والاختبار والتجريب لإمكانياته وقدراته ومؤهلاته.

        اللجنة الوطنية للتخييم: تكونت هذه اللجنة في غياب الجهاز القانوني المتمثل في المجلس الأعلى للشباب "الذي تحول في مشروع قانون الطفولة والشباب الذي طرحته الوزارة الوصية في المدة الأخيرة إلى المجلس الوطني للشباب والطفولة. تكونت هذه اللجنة بقرار من وزير الشبيبة والرياضة في شتنبر 1983 وملاحظاتنا عليها هي:

·                    إنها كانت لجنة مؤقتة فأصبحت دائمة أمام الفراغ القانوني والتشريعي لميدان التخييم.

·                    إن لها دور استشاري محدود ولا يمكن أن يرتقي إلى القيام بوضع سياسة وطنية في مجال التخييم.

·                    افتقادها للإمكانيات المادية والمعنوية لإنجاز مهامها.

·                    عدم تمثيلها لكافة مكونات الحركة الجمعوية وتطبيق مقررات المناظرة الخامسة للتخييم إلى يومنا هذا رغم ما يمكن ملاحظته على تلك المقررات.

2 ـ ما هو بديلنا / اقتراحاتنا / أفكارنا في مجال المخيمات التربوية:

        إن الوضعية التي توجد عليها اللجنة الوطنية للتخييم تأسيسا وتسييرا تعني من ضمن ما تعنيه فشل السياسات الحكومية في هذا القطاع وبالتالي نقترح في هذا الإطار:

·                    ضرورة تأسيس مجلس وطني للمخيمات التربوية يضم كل الفاعلين في مجال التخييم.

·                    تفعيل الصندوق الوطني لإصلاح المخيمات.

·                    رفض خوصصة المخيمات.

·                    تحسين وتطوير التداريب الوزارية والرقي بها بناء على متغيرات مجال التنشيط التربوي والمجالات المرتبطة به.

·                    المطالبة بالرفع من قيمة المنحة المخصصة بالمخيم

·                    تطوير البنية التحتية للمخيمات

·                    مركزة التأمين وتكفل الوزارة الوصية بذلك

·                    سد الفراغ القانوني والتشريعي لمجال التخييم بناء على حق الطفل فيه وحق الجمعيات العاملة في الميدان التربوي في الاستفادة منه بناء على معيار التواجد الفعلي والممارسة الميدانية لا على الماضي/ التاريخي فقط.

        إن رأينا الذي ننطلق فيه من نظرة شمولية لقطاع الطفولة والشباب ككل معتبرين إياه قطاعا اجتماعيا حيويا لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تتنصل الدولة من مسؤوليتها عليه في مختلف مجالاته ومن بينها المخيمات التي من الأفضل أن تبقى على شكلها الحالي وإبعادها عن منطق التفويت والشراكة والخوصصة. فإصلاح المخيمات وتجهيزها وتطويرها وتوسيع شبكتها هي أمور يجب أن تبقى من مهام ومسؤوليات الدولة بما في ذلك الجماعات المحلية والجهات والعمالات والأقاليم والولايات... أما الجمعيات والمنظمات المعنية بالتخييم فبإمكانها أن تظل قوة اقتراحيه ومطلبية ضاغطة معبرة عن مطامح الشباب والطفولة المغربيتين في هذا المجال مع أحقيتها في إنجاز مشاريعها البيداغوجية والحفاظ على خططها وخطها التربوي واعتماد تسييرها الإداري الذاتي داخل الفضاء التخييمي. إن البدائل المقدمة في ميدان التخييم سواء على مستوى تجارب جمعيات ومنظمات أخرى قد بلغت إلى الحد الذي يستدعي بلورتها على مستوى الممارسة العملية. وعلى مستوى الاختيارات التنظيمية والهيكلية. وهو ما حاولت جمعيتنا معالجته من خلال أفكار وخلاصات ونتائج اللقاءات الجهوية والوطنية والنقاشات المفتوحة داخليا ومع جمعيات ومنظمات أخرى في هذا الاتجاه. عموما تبقى المجالات الأساسية التي يمكن التركيز عليها في المرحلة الراهنة مع إمكانية استغلال التنوع التنظيمي لخريطة الجمعية والتنوع الجغرافي لفروعها وتوفر العديد من الكفاءات داخلها وتعدد محاور اشتغالها بين ما هو تربوي وثقافي وتنموي إمكانية استغلال هذا كله في الانفتاح على مؤسسات تربوية أخرى واقتحام مجالات عمل جديدة بكل جرأة وجدية كالاهتمام العملي بمحو الأمية والتربية البيئية والصحية والجنسية والأسرية. والقيام بمبادرات كبرى لفائدة الطفولة والشباب المغربية.

II ـ نحو برنامج تربوي هادف:

        إن الخلاصات والبدائل التي تناولنها سابقا على المستوى النظري أو العملي تبقى هي المنطلق في أي برنامج تربوي لجمعية التنمية للطفولة والشباب والذي نرى ضرورة ارتكازه على عاملين أساسين:

        أ ـ استحضار عناصر عامة لمشروع تربوي هادف مبنى على أساس نظري تربوي واضح، كما أن برنامجنا التربوي المبني على تحليلنا لواقع العمل التربوي ببلادنا لزمه تبني البدائل التالية وفق متطلبات راهن العمل الجمعوي التربوي:

        ـ وضوح المشروع البيداغوجي من حيث الأهداف والوسائل.

        ـ الاهتمام أكثر بالأنشطة العلمية.

        ـ استخدام الوسائل السمعية البصرية في مخاطبة المستفيدين.

        ـ استحضار مستجدات البحث العلمي والتكنولوجي...

        ـ إشراك الطفل واليافع في برمجة وتطبيق وتقييم وتقويم الأنشطة التربوية.

        ـ برمجة تكوينات تخصصية لفائدة الأعضاء.

        ـ تنظيم تكوين على مستوى الجمعية لتهيئ أطر قادرة على الإشراف على فئة اليافعين.

        ـ إنجاز التوثيق التربوي وطنيا ومحليا.

        ـ تجسيد حق اليافعين في التخييم.

        ـ القيام بمبادرات في اتجاه تحقيق مطالب الجمعية في التخييم قانونا ومؤسساتيا وهيكليا وتنظيميا.

        ـ الاهتمام بالتجهيز فرعيا ووطنيا.

        ـ الدفع بالعمل الجهوي وتطويره.

        ـ انجاز أنشطة إشعاعية في مجالات اهتمام الجمعية التربوية.

        ـ خلق مدرسة لتكوين الأطر التربوية، وتوفير شروط وإمكانيات للعمل لتفعيله، وابتكار الأساليب والطرق التي تمكن من رصد وتشريح واقع الطفولة المغربية وإدراك حاجياتها ومطالبها.

        ـ خلق أسئلة حقيقية تمكن مقاربة التحولات التي يعرفها الطفل المغربي وتدفع في اتجاه إغناء المشهد التربوي بالقضايا الحقيقية للطفولة المغربية.

        ـ الانفتاح على فضاءات عمل أخرى غير دور الشباب (مؤسسات تعليمية سكنية اجتماعية... تمكن من توفير شروط أفضل لممارسة العمل التربوي.

        ـ الارتقاء بالعمل الجمعوي التربوي من عمل استهلاكي مساير للوضع المتأزم لمؤسسات التنشئة التربوية / الاجتماعية إلى عمل مطلبي في قضايا الطفولة والشباب.

        ـ إشراك الآباء في العملية التربوية من خلال مجلس الآباء.

        ـ ضرورة احترام السن القانوني للأطفال واليافعين المشاركين في المخيم.

        ـ ضرورة تخصيص الدعم المادي للمخيمات الوطنية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المقرر الثقافي

تقديم:

        إن إعادة النظر في المقرر الثقافي المعروض على المؤتمر الوطني الثاني لجمعيتنا لا يعني في أي حال من الأحوال أن المقرر السابق قد أصبح متجاوزا، أو أن إعادة النظر هذه ستكون جذرية، بل على العكس من ذلك؛ فإن الأمر يعني وجوب مزيد من التعمق والتدقيق في المفاهيم لتوضيح الرؤية أكثر، وتبسيط هذه المفاهيم ودلالاتها حتى تصبح في متناول الجميع. وبالتالي تسهيل عملية التخطيط والبرمجة والتنفيذ، وإعداد الوسائل والآليات الإجرائية الكفيلة بترجمة المقرر الثقافي لجمعيتنا إلى فعل ثقافي حقيقي وفق ما تقتضيه طبيعة هذا المقرر وفي تكامل وانسجام تامين مع أهداف ومبادئ الجمعية ومقرراتها الأخرى التي تنبني أساسا على المنظور التقدمي للثقافة باعتبارها أساسا للتنمية الشاملة.

        واعتبارا لكون الهدف الأساسي من وضع مقرر ثقافي للجمعية هو إعداد تصور ثقافي يكون نبراسا ومرشدا وموجها لكل العاملين بالجمعية على اختلاف فئاتهم ومهامهم، وإنتاج أرضية تعتبر بمثابة المرجعية النظرية الأساسية التي تساعد على وضع خطة عمل وإستراتيجية محكمة لتأطير وتأهيل أطر الجمعية ومنخرطيها وتسليحهم بوسائل تحليلية ونقدية علمية كفيلة بضرب وهدم أسس البنيات الثقافية التقليدية السائدة، والتأسيس لثقافة بديلة؛ ثقافة جادة وتنويرية تنبذ كل أشكال الابتذال والتضبيع والتدجين والاستلاب.

        بناء على ما سبق، وانطلاقا من التصور التقدمي لجمعيتنا، فإنه من الضروري الوقوف عند توضيح وتحديد مفهوم الثقافة وعلاقتها الجدلية بالتربية وحركية المجتمع بصفة عامة، محاولين الإجابة على الأسئلة المشروعة التالية:

·                    عن أية ثقافة نتحدث؟ وأية ثقافة نريد؟

·                    ما هي خصائص ومميزات هذه الثقافة؟

·                    كيف يمكن للثقافي أن يؤسس لمجتمع متقدم يساير الركب الحضاري والتطورات التي يعرفها العالم؟

        وتجدر الإشارة هنا إلى أنه بالرغم من الترابط الجدلي الحاصل بين الثقافة والتربية، فإننا لن نخوض بتفصيل في مفهوم التربية لأن ذلك سيكون من قد ورد في المقرر التربوي الذي سيحدد المعالم الأساسية لمنظورنا التربوي.

I ـ مفهوم الثقافة:

        إن جمعية التنمية للطفولة والشباب وهي تؤسس لمقررها الثقافي، لتؤكد على المنظور المتجدد لمفهوم الثقافة؛ المنبني على النظرة العلمية والنقدية للثقافة المعتمدة على إدراج مفاهيم الديمقراطية وحرية التعبير والمشاركة الجماعية والفعلية في إعداد تصور وبناء مجتمع تسوده المساواة والعدالة الاجتماعية، وتحقق فيه الكرامة الإنسانية. وهذا ما يؤكد طبعا على أن الثقافة هي أساس التنمية الاجتماعية بكل تجلياتها ومظاهرها وأبعادها الاقتصادية والسياسية وغيرها، وبهذا تعتبر الثقافة المدخل والمرآة التي تعكس الوجه الحقيقي لمستوى تقدم أو تأخر الشعوب على كل المستويات والمظاهر الحضارية.

        ومن هنا يأتي الإيمان الراسخ لدى جمعيتنا على أن للثقافة بمفهومها الشامل الدور الأساسي، والفضل في التنشئة الاجتماعية، وفي رسم وتحديد المعالم والخصائص المميزة لشخصية الفرد، وتشكل المحدد الأساسي في صقل وتطوير هذه الشخصية في كل أبعادها النفسية والوجدانية والفكرية والجسدية وغيرها من مكونات الشخصية. ولكل هذه الاعتبارات وغيرها، ارتأت جمعيتنا أن يكون لها تصور ورؤية تقدمية لمقررها الثقافي، وأن يكون هذا التصور مؤسسا على أسس علمية صلبة حتى يكون فعالا وهادفا لتغيير السلوك العام للفرد وجعله ينبذ الثقافة الرجعية وثقافة الواجهة، وكل مظاهر التطرف والتخلف والتبعية، ويساهم في بناء مجتمع متنور ومتقدم تسوده القيم الإنسانية النبيلة.

        ومن هنا يأتي التأكيد على أن إعادة النظر بشكل جذري في البنيات الثقافية التقليدية السائدة قد أصبح ضرورة ملحة لفسح المجال واسعا أمام ثقافة التنوير، ثقافة التقدم، ثقافة التغيير والفعل الحقيقي والهادف في حركية المجتمع. وعليه فإن الثقافة بمفهومها العام والشامل عملية تنموية متكاملة تستهدف تطوير شخصية الإنسان في كل أبعادها ومستوياتها الإدراكية والمعرفية والعاطفية والوجدانية والسلوكية؛ لإدماجها في الحياة العامة وإدخالها في حركية جدلية مع الواقع اعتمادا على إمكانات واستعدادات هذه الشخصية.

II ـ خصائص وأهداف الثقافة:

        1 ـ إعداد وتهيئ الفرد ليكون قادرا على إدراك واستيعاب التناقضات والتعقيدات التي تعرفها الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية اعتمادا على التنمية الفكرية وحرية التعبير والنقد وثقافة الاختلاف.

        2 ـ الاستجابة للمتطلبات الفكرية والوجدانية للأفراد مع مراعاة الفوارق والخصائص التي تميز كل فئة أو شريحة من شرائح المجتمع.

        3 ـ مراعاة ومواكبة التطورات التي يعرفها التطور الحضاري العالمي.

        4 ـ الاعتماد على الطرق البيداغوجية الحديثة والوسائل والآليات الإجرائية الكفيلة بتحقيق الأهداف والغايات المنشودة، وجعل كل ذلك يتمحور حول الإنسان باعتباره العنصر الأساسي والفاعل في العملية التثقيفية، والاعتماد على رغبات واستعدادات الفرد وإمكاناته الفكرية والمعرفية والجسدية والمهاراتية والعمل على صقلها وتطويرها.

        وتهدف العملية التثقيفية في نهاية المطاف إلى تأهيل وتأطير الفرد وجعله قادرا على تحمل المسؤولية وتغيير سلوكه اليومي، وبالتالي تحكمه في الأشياء وتطويرها لصالحه بدلا من أن تكون الأشياء هي المتحكمة فيه.

        ولتحقيق تلك الأهداف لابد من التركيز على العناصر التالية:

        1 ـ الفئات المستهدفة، حيث يقتضي الأمر دراسة كل فئة للوقوف على خصائصها ومميزاتها وبالتالي البرمجة والتخطيط لها انطلاقا من معطيات ونتائج هذه الدراسة.

        2 ـ البرنامج الثقافي الذي يستدعي الإعداد المعقلن والمتكامل مع توفير الوسائل البيداغوجية والديداكتيكية لتنفيذه.

        3 ـ توفير الوسائل والآليات والفضاءات الكفيلة بتسهيل عملية التنفيذ وتحقيق الأهداف المتوخاة.

        4 ـ التكوين المستمر والمتجدد لتأطير وتأهيل أطر الجمعية وتسليحها بالمعارف التربوية والفكرية والبيداغوجية.

        5 ـ توفير الإمكانيات والموارد المالية والتجهيزات الأساسية.

        6 ـ ضبط العلاقات الداخلية والخارجية للجمعية، وكذا الجوانب القانونية والمسطرية حفاظا على مشروعية ومصداقية العمل الثقافي التربوي.

III ـ واقع الممارسة الثقافية ببلادنا:

        إن الدارس والباحث والمحلل للتجربة والممارسة الثقافية ببلادنا لابد له من أن يقف عن مجموعة من الملاحظات والعوامل التي تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر في هذه الممارسة، مما يكهرب الساحة الثقافية ويجعلها تعيش مجموعة من الصراعات والتناقضات التي تحول دون تحقيق الأهداف المتوخاة من الممارسة الثقافية التربوية.

        ويمكن إجمال أهم هذه الملاحظات والعوامل كالتالي:

        1 ـ التطورات التي يعرفها الركب الحضاري العالمي خاصة على مستوى التطور الاقتصادي والمعلوماتي.

        2 ـ التفاعل والصراع الذي تعرفه المجالات الثقافية والحضارية عبر العالم من أجل السيطرة والسيادة.

        3 ـ تردي وتراجع درجة التنمية الاجتماعية والثقافية والفكرية وغيرها ببلادنا، مما يكرس ويعمق الأمية والتأخر وتردي الأوضاع بصفة عامة مما يجعل بلادنا تتبوأ المرتبة 123 في سلم التنمية الاجتماعية والبشرية العالمية.

        4 ـ تردي الأوضاع السياسية والتعليمية ببلادنا وعدم مواكبة برامجنا التعليمية للتطورات والتحديات التي تفرضها العولمة، مع تسجيل النقص الواضح والحاد في تلبية الحاجيات الاجتماعية وفق ما تعرفه بلادنا من توسع على المستويات الديمغرافية والبشرية.

        5 ـ تدني الاهتمام بالجانب الثقافي بصفة عامة، كالضعف الملحوظ الذي تعرفه الثقافة السمعية البصرية كالإنتاج السينمائي والتلفزي.

        6 ـ سيطرة الأجهزة الرسمية على الإعلام المرئي والسمعي، ببلادنا وعدم فتح الأبواب أمام مجموعة من المبدعين والمثقفين الجادين مما يكرس الثقافة السائدة وطغيان ثقافة الواجهة.

        7 ـ عدم تشجيع البحث العلمي والإبداع بصفة عامة، على اعتبار أن ذلك هو المدخل الرئيسي والنهج الإستراتيجي والحيوي في اتجاه التنمية الشاملة والمستدامة.

        هذه الأسباب وغيرها تجعل من المشهد الثقافي ببلادنا مجالا للعديد من التناقضات والإكراهات. تعرقل المسيرة الثقافية وتجعل كل الفاعلين التربويين والثقافيين والمثقفين والمبدعين عامة يعيشون الكثير من التحديات والاحباطات مما يؤثر سلبا على مردودياتهم وإبداعاتهم.

        وبالرغم من كل هذه الإكراهات، فإن مجموعة من الفاعلين الجمعويين الجادين ومن بينهم جمعية التنمية للطفولة والشباب، ما زالوا يحملون المشعل ويعملون على نشر الثقافة الجادة والفكر العقلاني وسط كل فئات وشرائح المجتمع لتسليحها بالوسائل النقدية الكفيلة بتمكينهم من القدرة على فهم الصراع والتناقضات التي تحكم المجتمع ككل.

IV ـ الوسائل الإجرائية:

        إن جمعية التنمية للطفولة والشباب وهي تؤسس لمقررها الثقافي لم تجد بدا من تحديد بعض الآليات والوسائل الإجرائية الكفيلة بجعل الممارسة الثقافية في متناول جميع أطرها ومنخرطيها، وقادرة على تجسيد وتفعيل تلك الممارسة وفق تصورها ومنظورها الثقافيين. ومن بين هذه الوسائل، يأتي التركيز من جديد على الأندية الداخلية للفروع كإحدى الركائز الأساسية لتفعيل وتنفيذ التصور الثقافي على أرض الواقع، ويمكن إجمال هذه الأندية فيما يلي:

        1 ـ النادي التربوي الذي يعمل على تأطير وتنشيط فئة الأطفال واليافعين.

        2 ـ النادي الثقافي الذي يضم كل الفئات الشابة داخل الجمعية، ويعمل على تأطيرها وتنشطيها عبر مجموعة من الأندية الفرعية؛ كالمسرح والفيديو والرياضة والموسيقى وغيرها من مجالات الفنون الإبداع. وتبقى للفروع صلاحية تأسيس أي نادي فرعي تراه مناسبا لإمكانياتها ومجالات عملها.

        إضافة إلى العمل بالأندية الداخلية، فإن الجمعية ملزمة بتوسيع مجالات أنشطتها ووسائل عملها لتشمل ما يلي:

·                    العمل على تنظيم أنشطة إشعاعية كالأيام والأسابيع الثقافية، والملتقيات والمهرجانات الوطنية والجهوية والمحلية، والمعارض والندوات الفكرية والموائد المستديرة الأدبية وغيرها.

·                    التشارك والتنسيق مع مختلف الجمعيات والمنظمات التي تتقاطع مع جمعيتنا في الأهداف والتصورات.

·                    تنظيم لقاءات وأيام دراسية للبحث والتدقيق في الإمكانيات والقدرات والكفاءات المتوفرة لدى الجمعية على كل مستويات الفنون والإبداع.

·                    تنظيم دورات تكوينية مستمرة لتأهيل أطر الجمعية في مختلف المجالات المرتبطة بالممارسة الجمعوية.

·                    الاهتمام بالجانب الإعلامي من خلال الانفتاح على مختلف المنابر الإعلامية الوطنية والديمقراطية، والعمل على إصدار نشرات داخلية ومجلات متخصصة والاستفادة من تجارب بعض الفروع في هذا المجال وتطويرها.

وكل هذا لن يتأتى بطبيعة الحال إلا من خلال التحليل الموضوعي، والدراسة الواقعية والنقدية للواقع الثقافي العام للوقوف على كل العلاقات التي تحكم المجتمع، ومنها التناقضات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية وكل مميزات طبقات المجتمع مما يؤكد الضرورة الملحة لتبني الرؤية النقدية للتربية الحديثة المعتمدة أساسا على إدراج مفاهيم المساواة والديمقراطية وحقوق الإنسان والفكر المتحرر وحرية التعبير والنقد من أجل تنشئة اجتماعية صالحة وفي مجتمع حداثي وحديث تسوده المساواة والعدالة الاجتماعية وكل القيم الإنسانية النبيلة والمساهمة في بلورة قرءات جديدة ونقدية للثرات المغربي والعربي الإسلامي بشكل عام وملامسة أشكال تأثيره على الوعي الجمعي للمجتمع بما يخدم أفكار الحداثة والتنوير.

 

 

على سبيل الختم

        إن الممارسة الثقافية بصفة عامة تكتسي عدة أوجه وتمارس في عدة مجالات، إضافة إلى اختلاف الفضاءات والأمكنة، مما يعطي لهذه الممارسة التنوع الكفيل بملامسة كل مجالات الفنون والإبداع، وكذا الاهتمام والارتباط بكل فئات وطبقات المجتمع، مما يؤكد وجوب الحديث عن ثقافات وتربيات متعددة كالتربية على حقوق الإنسان، والتربية الرياضية، والتربية التشكيلية، والتربية المسرحية وغيرها من تجليات ومظاهر الثقافة. وتعدد الفضاءات كفضاء الأسرة، والإعلام، والشارع، والمؤسسات العمومية؛ كالمؤسسات التعليمية ودور الشباب ودور الثقافة والمعاهد والمراكز الثقافية. مما يؤكد على أن المشروع الثقافي هو مشروع مجتمعي شمولي ومتكامل تنخرط فيه كل مكونات المجتمع بإيجابية وفعالية وكل من موقعه وطبيعته، بغية تحقيق التغير الإيجابي للسلوكات العامة للفرد والجماعة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 المقرر التنموي

بعد إدخال التعديلات المتفق عيها

مع التوصية القاضية برفعه إلى المجلس الوطني قصد إعادة صياغته

1 ـ لماذا مقرر تنموي؟

        منذ تأسيس الجمعية نص القانون الأساسي والمقررات على العمل التنموي الهادف إلى تطوير القدرات الفكرية لشبابنا وطفولتنا من أجل تمكينها من المشاركة الفعالة في محيطها الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والسياسي. ويظهر لنا ذلك جليا في تسمية الجمعية وكذلك أهدافها (انظر المادة 1 و3 من القانون الأساسي)، ويأتي الآن مشروع المقرر التنموي، كنتيجة لما راكمته هذه الأخيرة في المجال التنموي، سواء فيما يتعلق بجانب المنتوج النظري، أو التجارب التي خاضتها منذ التأسيس، وبالتالي للوصول إلى الانسجام والتناغم بين الفروع، في تعاطيها معه سواء على مستوى محدداته أو في مجالات الاشتغال فيه.

        وإذا كان المقرر التوجيهي يعتبر الإنسان هو موضوع التنمية الرئيسي فهو يضع الجمعية أمام تحديات كبيرة من أجل توسيع أعمالها وإبداعاتها وذلك بتصور عمل تنموي جمعوي هادف، يستجيب لمتطلبات الظروف الاقتصادية والاجتماعية، للمساهمة في تنمية شاملة ومستدامة وبناء مجتمع راق.

        وبما أن بلادنا تختزن طاقات تنموية هائلة، لم يتم استغلال أغلبها بعد، وذلك راجع إلى انعدام البنى التحتية (الطرق وسائل الاتصال الإنارة القناطر المعامل وسائل التطهير...) وكذلك إلى استمرار تقسيم المغرب إلى نافع وغير نافع، وخضوعها إلى اختيارات لا شعبية منصاعة إلى المؤسسات الامبريالية (الصندوق والبنك الدوليين)، وهذا ما يستدعي انخراط جمعيتنا في أي عملية تنموية تتم من منطلق تحرري، خاصة وأن لنا ارتباط مرجعي وفكري بكل حركة تقدمية حاملة لمشروع مجتمعي تنموي حقيقي.

2 ـ مفهوم التنمية:

        لقد ارتأت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها 128/41 أن: "التنمية مسلسل شامل اقتصادي وثقافي وسياسي يهدف تحسنا مطردا لرفاهية مجمل الساكنة وجميع الأفراد على أساس مشاركتهم النشيطة والحرة والهادفة، في التنمية وفي التوزيع العادل للمنافع التي تنجم عنه".

        فالتنمية إذا هي عملية شمولية تتكامل فيها العوامل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، يلعب فيها الإنسان دور الوسيلة والهدف وتبقى مرتبطة بالمساهمة الفعلية لأوسع فئات الشعب عن وعي وإرادة وانخراط طوعي ومستقل بعيدا عن أي تبعية، واستفادة الشعب من الدخل القومي لهذه الثروات، فالتنمية هي إصلاح زراعي حقيقي وامتلاك بنية صناعية وتكنولوجية موجهين من أجل رفاهية الفرد وتقدمه وإخراجه من الفقر والتهميش.

        يشترط كذلك في التنمية الحقيقية أن تعني سيادة القانون وسيادة الديمقراطية الحقيقية والتي أساسها احترام حقوق الإنسان وحرية الفكر والرأي وحرية اختيار الحاكمين ومحاسبتهم، وهي كذلك وعاء لنشر المعرفة ومحاربة الجهل والأمية. فالسياسة التنموية، إذا هي التعبير عن آراء الشعب والاستجابة لتطلعاته وبالتالي تطبيقها وتنفيذها من خلال إدارة محكمة بوسائل تقنية وعلمية دقيقة يكون هو صانعها.

        أما دور الجمعيات في هذا المجال فيبقى عبارة عن عملية مصاحبة المواطنين في أفق تحقيق طموحاتهم المتنوعة والمشروعة ومساعدتهم على قيادتها بدءا بدراستها وإنجازها وتتبع تطورها المستقبلي وذلك بواسطة عدة آليات (انظر العمل التنموي الجمعوي المستقل).

3 ـ السياق العام لبروز العمل التنموي الجمعوي:

        إن مساهمة الجمعيات في العمل التنموي ليست بالجديدة في المغرب، بل ساهمت بشكل كبير في المجال التنموي قبل الاستقلال سواء على مستوى محاربة الأمية، التثقيف، توعية الشباب للانخراط في معركة تحرير الوطن، أو على مستوى الأوراش الكبرى في مرحلة ما بعد الاستقلال كالتشجير وبناء الطرق (طريق الوحدة)... وبناء دور سكنية (تابريكت بسلا)... وشق المسالك في القرى... إلا أن هذا العمل لم يكن بارزا بشكل مستقل نظرا للارتباطات التي كانت بين العمل السياسي والجمعوي.

        وقد شكلت الثمانينات وبداية التسعينات بروز الاهتمام بهذا المجال أمام حقائق لابد من التطرق لها:

v                النقاش الداخلي الذي ساد داخل الدول المستعمرة، والتي كانت سببا في تخلف البلدان المستعمرة، وبالتالي سببا لظهور الهجرة وبروز ظاهرة الأصوليات والتطرف والهجرة، ليشكل هذا النقاش جزءا ثابتا في برامج سياساتها الخارجية كبحث عن مخرج ومعالجة لتلك المآسي التي سببتها، وكاتقاء شر الهجرة والتطرف.

v                فشل الأحزاب المغربية في تحقيق طموحات السكان في هذه المجالات، رغم ورودها في برامجها الانتخابية.

v                انطلاق المرحلة الثانية من التقويم الهيكلي والمعتمد أساسا على الخوصصة وتحرير اقتصاديات البلدان التابعة، بعد أن قضت مراحله الأولى على القطاعات المسماة غير منتجة وقد توجت هذه المرحلة بالتقرير الشهير للبنك الدولي حول المغرب، الذي ألمح إلى دور الجمعيات في المشهد العام لملأ الفراغات الاجتماعية التي خلفها التقويم الهيكلي بمرحلتيه مستقطبا بذلك فكر اليسار لحماية أفكار الليبرالية ومطوعا الفكر الديني للتخفيف من وحشية الرأسمالية(الإحسان والبر التكافل والتضامن الاجتماعي...)، وقد أعادت هذه الموجة النقاش في بعض القضايا الاجتماعية كالتعليم والإدارة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية لهذه الدول.

v                وإذا كان الكل قد أجمع على أن إحقاق التنمية الشاملة رهن بإرساء قواعد الديمقراطية الحق، فإن دور الجمعيات قد بدأ يكبر باعتباره قاعدة ارتكاز لكل انتقال ديمقراطي منشود كما ورد في الإعلان العالمي للحق في التنمية.

v                انطلاقا مما سبق فإن ممارسة الجمعوي في مجال التنمية تبقى مرهونة بحدود طبيعية ناجمة عن طبيعته هو، وأن دوره يبقى مساهما إلى جانب أطراف أخرى، تقتضي تنسيقا / تحالفا / تشاركا.

4 ـ العمل التنموي الجمعوي والشراكة:

        يهدف العمل التنموي الجمعوي أساسا إلى استغلال وتدبير الموارد الممكنة والمتاحة والمساهمة في تحقق مفهوم التنمية في كليته داخل الحدود التي يطيقها العمل الجمعوي. ومن أجل ذلك لابد من تقسيم منهجي لممارسة هذا العمل وتطويره والرقي به.وهذا لا يعني تنصل الدولة من مهامها أو أن الجمعيات بديل للدولة في القيام بهذه الادوار.

        أ ـ العمل التنموي الجمعوي المستقل

        وهو العمل الذي تقوم به الجمعية لوحدها وبتمويلها ولحسابها ويمكن أن يشمل: التعبئة، التوعية، التحسيس، التحريض، التكوين، الإحراج، الدفع، التوجيه، الترقية، الإدماج، التثقيف، التسيير، التدبير، تنفيذ وتسيير المشاريع، الدراسات، التخطيط، التشجير، فتح المسالك، محاربة الأمية، حفر الآبار، الأوراش،... إلخ.

        ب ـ العمل التنموي الجمعوي المرتبط

        وهو العمل الذي لا يمكن للجمعية أن تقوم به إلا بتعاون مع شريك أو أكثر: ويمكن أن يشمل نفس المجالات الواردة في العمل التنموي الجمعوي المستقل.

        إن العمل التنموي الجمعوي وإن كان يحتوي على كل التخصصات التقليدية للعمل الجمعوي فهو يتعداها إذ يهدف إلى المساهمة في التنمية (التقدم / الرقي / التحسين / النمو / الإنماء) وليس فقط إلى مزاولة والنشاط في تلك المجالات. وعليه فتحديد معاييره ومحدداته هي جد دقيقة وحساسة سواء أكان مستقلا أو مرتبطا.

        مفهوم الشراكة: يعني تبادل متساوبين الطرفين، بحيث لا يتميز الواحد عن الآخر في مجال ما، فالشراكة ليست سوى وسيلة لتحقيق التنمية، أما بالنسبة لعملنا فهو إطار تعاقدي أو عقد ـ ميثاق يجمع الجمعية بإطارات جمعوية وغيرها. حكومية أو غير حكومية وطنية أو دولية، لا تتناقض وأهداف الجمعية أي تلك التي تنحاز لخدمة الإنسان ولقضاياه وفق أرضيتنا التوجيهية، ويكون حول برامج ـ تصورات أو مشاريع ـ تهدف وتتوجه لخدمة الجمعية وأطرها والمستفيدين منها وكل الفئات التي يستهدفها عمل الجمعية وفق مقرراته، أو البرامج التي تروم خلق وسائط لوصول فئات تستهدفها الجمعية.

        والشراكة الحقيقية هي التي تكون على قدم المساواة دون أن يكون الهدف منها هو جعل الجمعية منبرا ومروجا إعلاميا وإعلانيا لمنتوج الطرف الآخر في العقد ويشترط فيها كذلك أن ترمي إلى صياغة وبلورة مطمح الطرفين بكل وضوح وشفافية وبعيدا عن كل غموض يخفي أهدافا أخرى، ويحبذ أن تبدو على شكل دفتر تحملات متوازن ومحدد المسؤوليات وواضح الأبعاد.

        والتعاقد والشراكة بالنسبة لنا مشروع مع كل الجهات شريطة أن لا يتعارض مع مبادئنا وأن يكون تحت مراقبة الأجهزة المركزية وأن لا يتعامل مع أحد الاستثناءات التالية:

        ـ الكيان الصهيوني وكل المنظمات التابعة له أو المرتبطة به.

        ـ الجهات المعادية لقضايانا الوطنية والقومية وذات الخلفيات القومية والشوفينية والاستعمارية.

        ـ الجهات التي تتناقض وخلفياتنا الدينية والثقافية

ولتسير هذه العملية (الشراكة) في ظروف منسجمة مع مبادئ وأهداف الجمعية وبشكل واضح لكل فروعها فلا بد من تحديد معايير ومحددات دقيقة لضبط العملية وتأطيرها.

        ت ـ محددات عامة

        * أن تتم الدراسة القبلية لكل مقترح/ مشروع وأن يتم اعتماده من طرف الجهاز المركزي المقرر أو التنفيذي حسب أهمية المشروع (وتكفي الاستشارة في بعض المبادرات الفرعية).

        * أن ينسجم مع أهدافنا ومبادئنا سواء بشكل كلي أو جزئي.

        * أن يكون خادما/ مساهما في تحقيق طموحات المستفيدين من عمل الجمعية.

        * أن يتضمن برنامجيا مبادئ وأهداف الجمعية.

        * أن لا يتعارض مع مصالح الشعب المغربي.

        ث ـ محددات خاصة

        * لدى الجهاز المركزي وحده الصلاحية في عقد أي من العمليات التشاركية أو التعاقدية (تكفي الاستشارة في الأعمال البسيطة ذات البعد الفرعي).

        * للجهاز المركزي وحده الحق في التنظيم والتتبع والإشراف المباشر واليومي على ذلك.

        * أن تتم الاستفادة من ذلك بناء على احتياجات الفروع مع مراعاة تفاوتها ومبادراتها المحلية وأن يكون التوزيع يخدم الجمعية وطنيا ويساهم في توسعها التنظيمي وفي تحقق برامجها وأهدافها وأن يهدف العمل إلى خلق التراكم بدل تبديده.

        * إذا حصل أن تم التعاقد في عمل ما وكان هذا العمل يوفر موارد إضافية للجمعية فإن العمل بمبدأ التطوع يكون القاعدة والاستفادة/التعويضات الفردية أو الفرعية هي الاستثناء، وتعتبر أجهزة الجمعية هي المسؤول على تدبير هذه الموارد وتعويض الأطر / الفروع الأكثر تضررا واحتياجا ـ الأسبقية للفرع صاحب المبادرة ـ.

        * أن يكون الهدف العام للأعمال ـ التعاقدية ـ والتي توفر موردا ماديا أو تجهيزيا هو تقوية البنية التحتية للجمعية مركزيا ومحليا.

        * يمكن تبني مشاريع تطرحها أطراف أخرى شريطة أن تكون منسجمة مع ما ورد في هذا المقرر.

        ج ـ تفضيل:

        تعطي الجمعية الأولوية في تنفيذ البرامج التنموية للعمل التنموي المستقل، وفي حالة تعذر التمويل يتم البحث عن التمويل والتعاون مع أطراف أخرى لإنجاز تلك المشاريع التي حددتها الجمعية بنفسها.

5 ـ مقتضيات عقد أية شراكة:

        1 ـ داخليا:

        تقوية بنية الجمعية التحتية وضبط ودمقراطة تسييرها الداخلي وجعله شفافا وواضحا وتسيير المحاسبة وجعلها منسجمة مع متطلبات الممولين.

        تأطير ذاتها وأطرها في مجال صياغة المشاريع وتدبيرها وأن تمتلك قوة إقناعية بجدوى المشاريع المقترحة ولكي لا تتحول إلى أداة إشهارية أو نفعية.

        القدرة على التوافق مع الجهة الممولة بناء على متطلبات الجمعية واحتياجاتها وأجندتها مع استحضار أن لا شيء مجاني يعطي.

        خلق إطارات تنسيقية بين الفروع أو مع جمعيات لها أهداف مشتركة قصد تعزيز القدرة على التفاوض وتوحيد الرؤى في مسألة الشراكة وكذا من أجل المطالبة بخلق صندوق وطني لتمويل الجمعيات الجادة والنضال من أجل جعله مطلبا وطنيا.

        ترتيب الحاجيات حسب الأوليات النابعة من الأهداف ووضع ضوابط محددة وواضحة والالتزام بها.

        تقوية القدرات الذاتية لمنخرطي الجمعية لتكون قوة محاورة وواقعية.

        2 ـ خارجيا:

        الندية: أن نكون في نفس المستوى مع الممول ـ على الأقل في المشروع المراد التعاقد فيه ـ وأن نتفق على مشروع مشترك وأن ننفذه بنفس الحقوق والواجبات والمسؤوليات، مع الالتزام التام بالمبادئ العامة والخاصة.

يقتضي ذلك أن تكون مصادر التمويل المخصصة للمشروع ليست منتوج غش ولا سرقة لفائض قيمة أو على حساب عمال شركة أو مؤسسة و لايهدف إلى تبييض سواد.و ألا تكون هذه الشراكة تابعة لعمل مشبوه(مخابرات... مخدرات...). أن تكون الشراكة بعيدة عن فكرة التسول والتبعية ورحمة الممول.

6 ـ خلاصة:

        يبقى المقرر التنموي مرجعا عاما للاسترشاد به فقط، أما الممارسة في هذا الميدان فإنها دقيقة جدا وغير قابلة لتحديد ساكن، إنها متحولة ومتغيرة باستمرار. وبالتالي فالمحددات والمعايير والشروط هي الكفيلة بإنارة الطريق للأجهزة لمتابعة العمل في هذا الميدان.

 

 

A----D---E---J--- MARRAKECH 31/10/1998
 
جمعية التنمية للطفولة و الشباب
 
جمعية التنمية للطفولة و الشباب
 
مرحبا انت الزائر رقم
 
compteur pour blog
 

صفحة جديدة 2

 
ADEJ 10 visiteurs (20 hits) اديج
EZZIRI MED Ce site web a été créé gratuitement avec Ma-page.fr. Tu veux aussi ton propre site web ?
S'inscrire gratuitement